بسم الله الرحمن الرحيم
الثاني والعشرون
كنتُ أشرب كأساً من الحليب - كعادتي قبل النوم- ، وبآخر رشفةٍ منه ، قرع جرس شقتي ... وبما أني أعيش وحدي ... ذهبت لأرى من في الباب، ونفسي تتسائل: من يأتيني في مثل هذا الوقت ؟!
فتحت الباب ... لم أرَ أحدًا ، لكنّي لاحظت وجود رسالة ... دخلت مسرعًا لأقرأها دون أن أغلق باب الشقة .. قرأت الرسالة ، لم أستوعبها بداية ً ، قرأتها مرةً أخرى :
" الثاني والعشرون .. ثلاثة ذهبوا .. وواحد .. أجله قريب .. الثاني والعشرون .. سيحل عمّا قريب!! "
وسكن قلبي خوفٌ شديد ، صار عقلي يقلّب صفحات ذاكرتي ، من تراه يرسل لي هذه الرسالة .. لاعنوان عليها .. لا توقيع لمرسلها .. لا شيء يدل على هوية صاحبها ..لا شيء سوى رسمٍ غريب .. جمجمة وسكّين !.
وبينما أنا في حيرتي ، وفكري يلهج بسؤال: من الذي أرسل الرسالة؟ .. انطبق الباب بشدة , وأضاءت صفقته فكري ... تذكرت إنسانًا فظيعًا .. فظيع بكل ما تحمله الكلمة من معنًى .. الجمجمة والسكين .. رأيت هذا الرسم .. أذكره تمامًا .. أيّام الدّراسة .. كان على كراسّته .. ( غريب ) .. نعم ٜ . اسمه (غريب ) وهو حقًا كذلك .. كان أنانيّــاً .. حقودًا .. مهووسًا .. لم يكن يحب أحدًا .. لم يكن لديه أصدقاء .. كلّما حاول أحد الاقتراب منه .. كان ينفجر في وجهه .. حاولت ذلك مرةً , ولم أكرّرها.
وفي تلك السنة ، انتقل من مدرستي .. ولم أره من وقتها ..
لكن !! ... ماذا يريد منّي؟
ولمَ أرسلها لي بالذات؟! .. وماذا يقصد بها ؟! .. وكيف عرف عنواني أصلًا؟
كلّ تلك الأسئلة منعت النوم عن عيني ... طويت تلك الليلة وأنا أحاول حلّ لغز الرسالة.
أشرقت الشمس ... وأنا لازلت أفكر .. ولا أدري كيف غلبني النعاس بعدها, أفقت على صوت جرس الهاتف .. ورفعت السّماعة :
- آلو ! .. آلو !
لم يجبني أحد ، ثم سمعت أغنية ً غريبة لم أفهمها .. ليست بالعربية ، ولا حتى بالإنجليزية أو الفرنسية، ثم انقطع الاتصال.
توجهت إلى المطبخ لأصنع فنجانًا من القهوة ، وقررت تفقّد بريدي الإلكتروني .. وصلتني رسالة من مجهول .. عنوانه غير مدوّن لديّ، قرأتها .. وإذ هي نفس الرسالة الغامضة ، والاختلاف الوحيد .. أنّ الأخيرة تضمّنت صورة ً جماعيّة أيّام الدراسة ، كانت صور ثلاثة من أصدقائي القدامى عليها إشارة X حمراء .. وصعقت عندما رأيت وجهي معيّنًا بدائرة .. والغريب ، أن (غريب) لم أره في الصورة ، مع أني متأكد من أنه قد تصوّر معنا ، عندها ازداد شكّي بأنه هو من أرسل الرسالة.
ارتعبت قليلا ً ، ذهبت أبحث عن أرقام أصدقائي المخطوط عليهم .. واتصلت بهم .. وكلمّا اتصلت بأحدهم , امتلأ قلبي رعبًا ...!
فالأول مات في حادث سيّارة في (22/مايو) ، والثاني الآن يرقد في المستشفى, فقد تعرّض لحادث في ( 22/ يونيو) أثناء عمله .. والأخير اختفى ولم يعد منذ ( 22/ يوليو) ، كلّ الحوادث تمت في هذا العام.
بعد أيّام .. سيحلّ (22/ أغسطس ) ... فهل هذا تحذير ؟
هل سيأتي دوري بعد أيّام ؟
لكن ، مالذي فعلناه ل(غريب) حتى نستحق الموت؟
هل حقده - اللامبرر- يدفعه لكل هذا؟
كلّ تلك الأسئلة تلوح في سماء فكري .. وكدت أفقد عقلي وأنا أفكّر ...
وفجأة!!
قرع جرس شقتي ، ذهبت لأرى من في الباب، وعلامات التّوتّر والخوف بادية ٌ على وجهي، وإذ بزميلي في العمل ( رامي) عند الباب , حاولت إخفاء علامات الخوف والتوتر، لكن سرعان ما اكتشف (رامي) أمر خوفي .. سألني عمّا بي،و لم أتردد في قول كلّ ما حدث، كنت أريد أحدًا أتكلّم معه .. عمّا يحصل معي ..
وما لم أنهِ كلامي ، حتى بدأ بالضحك .. استغربت منه ذلك، وسألته لم يضحك؟!
فأجاب: هه ! قصّة أغرب من الخيال !!
اعذرني ... لكن، هل أنت متأكّد من أن (غريب) هذا هو من أرسل الرسالة؟
فربما أحدهم يريد العبث معك .. أو أن أصدقائك القدامى أحبّوا القيام بمقلب يذكّرك بهم .. و .. كذبوا عليك ، وأنّ الحوادث مختلقة ، ولا أساس لها من الصحّة !
فلا داعي لهذا القلق وتهويل الأمور بلا سبب.
اقتنعت بكلام (رامي) .. واطمأنّ قلبي قليلا ً .. لكن الشك لا زال يجوب شعاب نفسي الحائرة.
ولكي أقطع الشكّ باليقين ، اتّصلت بالمستشفى الذي قيل لي بأن أحد أصدقائي الثلاثة فيه، وللأسف ... لم يكن كلام (رامي) في محلّه ... لأنه حقًا بالمستشفى ، ولا أدري إن كانت لعنة الثاني والعشرين تلاحقه ، فرقم غرفته التي يرقد بها (22) .
وبعد أن هدّني التّعب ، قال لي ( رامي ):
- ما رأيك أن تأخذ إجازة من العمل؟ .. و نذهب معًا إلى البحر ، فنحن لم نأخذ إجازة راحة حتى الآن .. وهي فرصة كي تريح و تصفّي ذهنك من هذه الأوهام!
فوافقته بسرعة وأنا مشلول التفكير ..
بقلم : احمد محمد المحروق - 2008
هناك 4 تعليقات:
لعلها اضغاث احلام
ارجوا ذلك
وليحفظ الله روحك
من رقم واحد الى 31
رمضان كريم..جعله الله شهر خير وبركة عالجميع
ياسمين..
سررت بمرورك ... كسروري لاستقبال هذا الشهر
فأنت الشخص الوحيد الذي آنس قصتي !!
hey
It's really an amazing story
but is that only the end
I think the end should be more interesting
but you are a good writer so keep it up
Happy Ramadan
شكرا جيهان !!
هاد سر قصصي ... النهايات المفتوحة
إرسال تعليق